الفنان حيدر علي من بغداد دار السلام الى بلد الحب والسلام
فتحت فيكخو أبوابها واحتضنت العديد من المواهب والهامات الفنية الذين قدموامن بلدان عدة وكان لهم دور فعال وملموس في المجتمع. الفنان التشكيلي حيدرعلي كان أحد هذه المواهب. أتي الى فيكخو عام 2008 واقام اول معرض فني له تحت عنوان " بغداد مدينة الحرب والسلام" بعد 3 اشهر من وصوله الى السويد. شارك بالعديد من المعارض الجماعية والفردية في مختلف أنحاء العالم، أربعه منها اقيموا في السويد. صحيفة موسايك التقت الفنان حيدر على وأجرت معه هذا الحوار.
كيف بدات رحلتك الفنية؟
بدات مشاركتي الفنية منذو تخرجي من كلية الفنون الجميلة في بغداد. كنت جاد في التعامل مع الفن. شاركت في العديد من المعارض الفنية. حيث أقمت اول معرض شخصي في عام 1989 وكنت طالباً في الكلية. في بداية الأمر كان عندي شغف للقيام بشئ مختلف. فأخترت المجال الفني، وكان لابد أن أخذ الإولويات. وبالتالي تخصصت في التربية الفنية في إعداد مدرسين فنين. كان هناك قسمين العلوم التربوية وعلم النفس. وأيضاً الجانب الفني والفنون التشكلية بما فيها التصوير والرسم والنحت والسيراميك. درستها بشكل عميق. حبيت كل الممارسات الفنية ولكني أحببت الرسم لأنه العالم الأرحب، ولأنه يحتوى على الادوات المادية الفرشاة واللون والخشب أو القماش. من خلال استخدام هذة العناصر يستطيع المرء أن يعبر عن ما يدور في خلجات نفسة وينتج عمل فني. كرست كل جهدي في هذا الجانب. كما أني كنت أتطلع لسفر دائماً.
مالذي كنت تطلع اليه من خلال السفر؟
كان هناك نزعة للحرية. وكان عندي ولع كبير لكتشاف العالم. كما أني لم يكن عندي تخيل للعالم الأخر وما اذا كان هناك دول أخرى. علي سبيل المثال دول اوروبا. كنت ادرك فقط المدينة التي أعيش بها. وهذا ما ترسخ بذهني نوع ما من خلال الادوات المحددة كالراديوا والتلفاز. كل ما كنت اراه في التلفاز من لغات أخري، كنت اعتبر ذلك مجرد عمل فني ولا وجود له بالواقع. ومن هنا أتي حبي وتطلعي لاكتشاف العالم الأخر. بعد ذلك سافرت الى الاردن وعملت هناك في المجال الفني، عملت كمحترف لسرميك لمدة ست سنوات. ثم عدت بعد ذلك الى بغداد.
متى أتيت الى السويد؟
بعد الحرب في العراق أصبح هناك تخلخل في البنية المجتمعية من الناحية الأمنية، وأصبح هناك تهديد للحرية الشخصة. كما أنه من المستحيل أن يكون هناك عمل فني وإبداع في حالة الحرب أو الفوضى. لأن المرء ينشغل بتأمين نفسة وعائلته اقتصاديا وآمنياً. لكن في حالة الأستقرار والرفاه الاجتماع يفكر المرء في تحقيق ذاته. لذلك هاجر الكثير من الفنانين العراقين في ذلك الوقت. البعض اتجه الى اوروبا والبعض الأخر اتجهوا الى امريكا واستراليا و كندا. سافرت انا الى سوريا ومكثت هناك سنة كامل مع عائلتي. بعد ذلك عادت عائلتي الى العراق. وقصدت انا السويد في رحلة شاقة وطويلة عبر بلدان كثيرة. عندما وصلت الى السويد كنت مرهقاً جداً وأحمل غبار الرحلة، ليست فقط رحلة الوصول ولكن رحلة الحياة بأكملها.
لماذا أخترت السويد دوناً عن بقية البلدان؟
السبب الأول كان من أجل عائلتي. لأنه ليس من السهل الحصول على حق لم الشمل في البلدان الأخرى. وبالتالي كانت السويد هي الخيار الأفضل. السبب الأخر هو أني كنت مشتت كثيراً ومرهاً جدأ، وأحتاج الى بيئة تساعدني على التعافي. كانت روحي تحمل غبار الحياة ولكن الايدي البيضاء ازالة هذا الغبار. السويدين بالتسامح والرحابه الذي يمتلكونها ازالوا غبار المآسي عنا. ليس فقط أنا، لكن الكثيرمن أبناء بلدي والناس الذي قدموا من البلاد المحيطة مثل سوريا. وكثير من البلدان الذي تعرض اهلها لظلم بسبب الحروب. هذه البلد ساعدتهم على التعافي. بالأضافة الى الأحلام الذي كان من الصعب تحقيقها في بلدي. كان لدي حلم أن أُنشئ جيل محب للفن من خلال التربية والفنون واشارك في حركة المجتمع. لكن ارهقتنا الحروب. لأن بيئة الحرب بيئة غير حاضنة للفن والإبداع.
كيف كانت بدايتك في السويد؟
البدايات تكون صعبة في اي مكان حتى لو عدنا الى بلداننا واردنا البدء من الجديد ستكون البداية صعبة أيضاً. بداتي كانت مع اللغة السويدية والتي أحببتها واردت التمكن منها. اجتهدت كثير في تعلم اللغة لذلك كنت أُعلم نفسي 3 كلمات كل يوم واحفظها عن ظهر قلب واكتبها وارددها طول الوقت. لأني درست علم التربية وأعرف جيداً أن أحد المبدائ الأساسية لتعلم الأطفال هو التكرار. وهو من الاداوت التعليمة المهم. كان هذه التقنية الذي استخدمتها. كما أن هناك شئ أخر وهو أن اللغة الشارع لا تشبه اللغة الاكاديمية أو لغة الصحافة أو لغة السياسية. وأنا تنبهت لهذا الأمر.وبالتالي لم اركز على لغة الشارع او الغة التعامل اليومي رغم حاجتي لها. وركزت على تعلم اللغة الأكاديمية من خلال وقراءة الأدب بشكل خاص. لأن اللغة الأكاديمية تمنح المرء حرية التعبير.
هل حققت تطالعاتك الفنية اليوم في السويد؟
طبعاً، أستطيع أن اقول أني كنت محظوظ جداً عندما أتيت الى السويد. أستطعت أن أقيم معرضي الأول في السويد بعد ثلاثة اشهر من وصولي. كما أن الصدفة لعبة دور أيضاً، حيث تعرفت على الفنانه السويدية "ليسبيث ساندفال" وهي فنانه محترفة. استقبلتني في مشغلها في فترة الصيف واتاحت لي الفرصة بمزاولة هوايتي. بعد ذلك قدمتني لمجموعة من فنانين القصر الإيطالي والذي ساعدوني على الحصول على مكان في قسم الفنانين في القصر. اجتهدت كثيراً في ذلك الوقت وكنت ارسم بشكل يومي. كما أقترحت عليا منسقة الأنشطة في القصر "روز ماري" أن اقيم معرضي الخاص. فكرت كثير بالأمر لان الفترة كانت قصيرة جدا. ولكن كان عندي الإرادة، لذلك قبلت العرض وقررت اقامت المعرض. أخترت أن تكون رسالة المعرض هي رحلتي ومدينتي التي تركتها خلفي والتي تسمى دار السلام، واصبحت مكان للحرب. حاولت أن أُجسد مفهوم الحرب والسلام على المدينة الآمنة مدينة السلام . لم يكن لدي اي صور جاهزة. ولكني أجتهدت وصنعت كل شي بيدي. أنجزت ما يقارب 24 – 25 عمل فني في شهر ونص. كنت اعمل يومياً من الساعة 8 الصباح حتى السادسة مساء. وكان عندي شغف كبير للرسم وإنجاز المعرض. نجحت في أقامة المعرض، وحصل الحدث آنذاك على الأهتمام الأعلامي من قبل صحيفة سمولاندسبوستن.
كم معرض اقمت منذ بداية ممارستك للعمل الفني؟
المعارض الجماعية كثيرة جداً. اما المعارض الفردية اقمت مايقارب خمسة أو سته معارض، أربعة منها في السويد. كذلك أقمت عدة معارض في الدول العربية بشكل جماعي. والآن أخطط لإقامة معرض في عمان الاردن.
ماهي الرسالة التي تريد توصليها من خلال اعمالك الفنية؟
هناك رسائل كثيرة يريد الفنان توصليها من خلال العمل الفني. أهم هذه الرسائل هو تجسيد القيم الجمالية. والقيمة الجمالية هي حاجه لكل أنسان.
ماهو عملك اليوم؟
اعمل اليوم في بلدية فيكخو في مدرية تعليم الكبار كموجه مجتمعي. درست هذا التخصص في 2012. وحاليا ازوال العمل كموجة اجتماعي في بلدية فيكخو منذ 2012. كما عملت كمساعد مدرس فني لمدة سنة في المدرسة الكثدرالية من 2010 الى 2011.
حدثنا عن مشاركتك في إحياء ذكرى مرور مائة عام على حصول المرأة السويدة على حق التصويت؟
نحن الآن بصدد الاحتفال بمرور مائة سنة على حصول المرأة السويدية على حق التصويت. وبالتالي سيكون هناك اسبوع ثقافي ستقدم من خلالة المحاضرات والندوات الثقافية والحفلات الموسيقية. نحن بدورنا كفنانين في القصر الثقافي الإيطالي سيكون لنا مشاركة أيضاً في مدينة فيكخو. سوف يكون لي مشاركتين. سأقوم بتقديم فيديوا فني لمدة 6 دقائق. سيشرح الفيديوا وجهة نظر إلين فجنر وهي المرأة التي كان لجهودها الفضل الأول في حصول المرأة السويدة على حق التصويت. سيعرض الفيديوا صورها، وسيصاحب العرض موسيقى. يبدا الفليم بصفحة سودا يعني أنه ليس هناك أمل وليس هناك حق للمرأة في التصويت، مع بعض الكلمات التى تقولها الين فاجنر للسياسين ومنشادتها لهم في البرلمان وانطباعتهم. كما يوضح الفيديوا أيضاً مسار كفاحها في جمع التوقيعات. يكون توقيعها الأول باللون الابيض على الصفحة السودا. ويكون ذلك اضاءة اولى في الفليم حتى 400 الف اسم وتوقيع وينتهي الفيلم بصفحة بيضاء وتتحقق رغبة آلين فجنر. وينتهي هذا السواد بسن قانون من البرلمان السويدي بحق المرأة في التصويت.
كما سيكون لي مشاركة أخرى وهو عمل البوم صور لمسيرة الكاتبة الين فاجنر. حيث أني جمعت أكثر من 100 صورة من خلال بحثي، وأريد ان أعد لها هذا الالبوم. لأني مجعب حقاً بإرادتها، وارى أنها كانت ملهمة للكثير من النساء. هذا الألبوم سيكون كأنه البوم أُعد من قبلها هي.
هناك الكثير من الوافدين الى السويد والذين لهم تطلعات فنية. من خلال تجربتك ماذا تقول لهم؟
اذا كنت تقدم فن أصيل سوف تجد الصدى الحقيقي لكن لابد أن تسلك الطرق الصحيح لذلك، وتجتهد. والأهم من هذا وذاك هو إنشاء شبكة علاقات في الوسط الذي أنت مهتم فيه. بمعني الذاهب للروقه الفنية التي لها علاقة بإهتمامك الفني. كن فاعلاً وأخلق بيئة مناسبة ، ركز على أقتناص الفرص. خطط للانشطة الذي يمكن المشاركة فيها. لتأكيد ذات الفنان لابد ان يكون هناك نزعه فنية لتحقيق هذه الذات. هناك فنانين ولكنهم يعملون من أجل الربح ويستطيعون أن ينتجون الكثير من القطع. لكن من يعمل من أجل تحقيق الذات الفنية يكتفي فقط بقطعه فنية واحدة ويعطيها جهد كبير، ليحقق ذاته من خلال هذه القطعة.