المهاجرين في السويد منحة أو محنة
يرى البعض أن وجود المهاجرين في السويد يشكل خطر عليهم ، بل وصل بالأمر الى أن البعض يروج لحرب أهلية. والبعض الأخر يخاف من الاختلاط بالمهاجرين وكان هؤلاء المهاجرين مصاصين دماء اتوا من الشرق. ويقولوا أخرين أن هؤاء المهاجرين مجرد حفنه من الكسالى ، لا عمل لهم سوى أنهم يذرعون الشوارع مستمتعين بحياتهم بينما تدفع لهم الدولة معونات مالية. وأن المهاجرين لا يحاولون بذل أدني جهد في الحصول على عمل أو يحاولون الانفتاح على المجتمع الجديد ، حتى أنهم لا يستطيعون تحدث اللغة السويدية. وكأن الأمر اشبه بضغط زر على الحائط يلقى المرء نفسة سويدي أو ينام ليلا ويستقظ في الصباح وقد اصبح سويدياً. الأمر ليس بهذه السهولة بل هو تحدي حقيقي. وقبل أن اتورط في اثارة غضب احدكم في دفاعي المستميت عن المهاجرين. لابد أن اوضح أني لم أفعل ذلك كوني مهاجرة ايضاً ، ولكني اتحدث عن الواقع بتجرد تام ، ومن وجهة نظر محايدة تماما.
أذا ما سئلنا أنفسنا عنما سيضيفه هؤلاء المهاجرين للمجتمع السويدي؟
الإجابة بكل بساطة هو تقيم الأمر من جوانب مختلفة أولها أن معظم هؤلاء المهاجرين اكملوا دراستهم الجامعية بتخصصات مختلفة والبعض الأخر لديهم خبرة لسنوات في مجالات عدة سوى علمية مثل الطب والتعليم والهندسة وغيرها. والبعض الأخر حرفية مثل البناء والسباكة ، والنجارة وغيرها ، وهم جاهزين للعمل في السويد. لكن هناك بعض الحواجز لابد من تخطيها أولاً. هؤلاء الناس هم يشكلون ثروة بشرية يستفيد منها المجتمع الجديد. وهم هنا لنهوض بهذا البلد ثقافيا واقتصاديا وعلميا. في نفس الوقت الذي يشكلون فيه خسارة كبيرة على بلدانهم التي رحلوا منهم ، والتي أنفقت الكثير من الاموال في سبيل تعليمهم. كان الاجدر بهم ان ينهضون ببلدانهم ، لولا ظروف الحرب التي شردت بهم . فأذا نظرنا حولنا سنجد الكثير من الشخصيات الناجحه التي ساهمت في التنمية سوى في الجانب الاقتصادي أو الثقافي او التعليمي وغيرها. والامثلة كثيرة لا يستطيع احد أن ينكرها او يتجاهلها الا شخص يرى بعين الذباب. بينما مازال البعض الأخر يكافح ويبحث عن الفرص المتاحه للمساهمة في بناء المجتمع ، كلاً حسب تخصصة وقدرته. الكثير من هولاء المهاجرين هم ناس طموحين ، لم تتاح لهم فرصة لاثبات ذواتهم في مجتمعاتهم الأصلية لاسباب عدة منها ثقافية ودينية وسياسية. كما أنهم حرموا من أبسط حقوقهم في بلدانهم واتوا الى هنا بحثا عن حياة كريمية وفرصة تتيح لهم المساهمة الفاعلة في المجتمع.
من جانب أخر الجيل القادم والذي يعتبر خليط من اجناس وثقافات مختلفة ، وهذا بالطبع شئ إيجابي. نستطيع القول أن بعد عشر سنوات على الأقل سيكون هناك جيل قادر على تحدث أكثر من ثلاث الى أربع لغات ، غني ثقافيا ، وحظى بتعليم جيد في بلد يتصدر رأس القائمة في جودة التعليم. اذا سيكون لدينا جيل قادر على التخاطب مع مختلف بلدان العالم ، ويستفيد من جميع المعارف المكتوبة بمختلف اللغات. وهذا ما سوف يشكل رفدا قوى لمختلف المجالات في المجتمع السويدي. بالأضافة الى شيأ أخر، وهو التنوع الثقافي والذي لا يلاقى رواجاً هنا في السويد. ربما لأن البعض يعتقد أن التنوع الثقافي سوف ينافس الثقافة السويدية او يلغها وهذا مفهوم خاطي للتنوع الثقافي ، أو نظرة قاصرة. التنوع الثقافي سيغني الثقافة السويدية ويعززها ويمكن للمجتمع الاستفادة منه ثقافيا وسياحيا اذا ما تم إستثمار هذا الجانب والاستفادة منه بشكل صحيح. ما لاحظته هنا ان هناك الكثير من الفرق الموسقية وبعض الفنانين والعزفين اوقفوا نشاطهم الفني بعد محاولة للمساهمة بشكل او بأخر في إبراز هذا التنوع والاختلاف ، والذي بدورة يساعد على تقبل وفهم الأخر ويسهل عملية الاندماج وردم الفجوة بين السويدين الأصلين والمهاجرين . لكنهم لم يلقوا اهتماماً كافياً بما قدموه. والاسباب كما ذكرت سابقا اما سؤ تقدير لأهمية هذا التنوع او خوف من أن تتطغي هذه الثقافات على الثقافة السويدية.
قد يقول أحدهم ساخراً ، اذا وجود المهاجرين هو شئ ايجابي وثروة بشرية وقومية ، وليس هناك اي سلبيات لتواجدهم. فنحمد الله على نعمة المهاجرين. لكي نكون منصفين لابد من تسليط الضؤ ايضاً على بعض السلبيات للمهاجرين ، منها أن ليس جميع المهاجرين اتوا فعلا للبحث عن فرصة وتحقيق ذاتهم والمساهمة في بناء المجتمع بل هناك من ينوي بالفعل الاعتماد على الدولة ولا يريد العمل، حتى أن البعض منهم أدعى أنه لم يتلقى أي تعليم وليس لديه مهنه معينه لكي يتسنى له الحصول على معونه ماديه من الدولة. وهناك أخر لا يريد الإنفتاح على المجتمع الجديد ويضل متمسك بكل العادات التقاليد التى أتى بها بغض النظر ما اذا كانت إيجابية او سلبية. بالأضافة الى اصحاب السوابق الإجرامية وهؤلاء يشكلون خطر على المجتمع بأكمله سوى السويدين الأصلين او المهاجرين. لكن لايستطيع المرء أن يتجاهل أن الاغلبية يلعبواً دوراً ايجابياً. وأتوا الى السويد بحثاً على حياة الكريمة وعلى العدل والمساوة واقتناص الفرصة لإثبات الذات والمساهمة في بناء المجتمع. واختاروا السويد ,دون غيرها ، لأن السويد لطالما كانت وستبقى ايقونه لسلام. وكذكك السويدين معروفون بإنسانيتهم وتعاملهم مع الأخرين على أساس الإنسانية وليس لإعتبارات. ولا بد أن تبقى السويد أيقونة السلام الاولى والوحيدة بدون منافس ليس فقط في أوروبا ، بل في العالم.