Annons
  1. Svenska
  2. العربية

مفارقات الشعور بالوحدة بالسويد وعوامل قلة ارتباط السويديين من المهاجرين

Växjö • Publicerad 2 juli 2024
Maha Nasser.
Maha Nasser.Foto: Privat

تتصدر السويد قائمة الدول الأكثر رفاهية والأكثر سعادة ، وتعتبر من الدول التي تتمتع بجودة حياة عالية. وذلك من خلال الحقوق والحريات التي يتمتع بها الفرد في السويد ، والتقدم التكنولوجي، وتركيز الحكومة على الرفاهية الفردية، وغيرها. إلا أن السويد تواجه تحديا اجتماعيا يتمثل في معاناة نسبة كبيرة من سكانها من الشعور بالوحدة والعزلة. على الرغم من اجتهاد المنظمات الاجتماعية وغيرها في خلق حياة اجتماعية وتفاعل اجتماعي ، بالاضافة إلى نظام الرعاية الاجتماعية الشامل في البلاد ، الا أن العديد من الناس الذين يعيشون في السويد يجدون صعوبة في إقامة علاقات شخصية عميقة، مما يتركهم معزولين وغير محققين عاطفياً.

الشعور بالوحدة في السويد قضية متعددة الأوجه تسببها عوامل عدة منها ثقافية واجتماعية وتكنولوجية وغيرها. حيث أدى التركيز الثقافي السويدي على الاكتفاء الذاتي والمساحة الشخصية، و تعزيز الاستقلال، إلى تفكيك الروابط الاجتماعية عن غير قصد. لأن التقدير العالي للخصوصية ومساحة الفرد ، خلق و صعوبة في التمتع بالجرأة المطلوبة لتكوين علاقات وثيقة. إحدى العقبات الكبيرة التي يواجهها الناس في السويد في تكوين صداقات وثيقة وعلاقات رومانسية هي القاعدة الاجتماعية للتحفظ. على عكس الثقافات التي يكون فيها التواصل الاجتماعي مع الغرباء أمرًا شائعًا ويتم تشجيعه. على الرغم من حقيقة أن الشعب السويدي شعب لطيف وودود للغاية إلا أنهم قد يتعاملون مع التفاعلات الاجتماعية الجديدة بحذر. هذه السمة الثقافية يمكن أن تجعل من الصعب كسر الجمود وإقامة علاقات حميمة. تختلف تكوين العلاقات في السويد عن الكثير من البلدان. حيث من السهل جدا الانخراط في علاقات في الدول الأخرى ، على سبيل المثال قد يتعرف المرء على الآخرين ويكونون صداقات معهم في وسائل النقل العام ، و المدارس والجامعات ، أو أماكن العمل ، وفي الأماكن العامة مثل المطاعم والمقاهي وغيرها. ولكن الحديث مع الغرباء في الأماكن العامة ليس أمرا شائعاً في السويد. ولكن في السويد قد تكون وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع التعارف هي أكثر الوسائل المتعارف عليها في تكوين العلاقات والصداقات، ولكن حتى هذه لم تعد امنة. حيث يتعرض الكثير من الناس للنصب والاحتيال والسرقات والابتزازات ، نتيجة للتواصل مع أشخاص مجهولين بغرض تكوين علاقات معهم. أدت كل هذه الاسباب مجتمعة إلى صعوبة ايجاد صديق مقرب او شريك حياة ، والتي بدورها أدت إلى تفاقم الشعور بالوحدة والعزلة وعدم التحقيق العاطفي.

Annons

الشعور بالوحدة لا يقتصر على المولودين داخل السويد فقط , ولكن حتى المولودين خارج السويد لهم نصيبا منه. وربما قد يكون الشعور بالوحدة والعزلة بين المولودين خارج السويد أكبر من المولودين في السويد. الأن القادمين إلى السويد يواجهون عدة تحديات اجتماعية وثقافية من بينها صعوبة الاندماج وإتقان اللغة وايجاد فرص عمل والاختلافات الثقافية وغيرها من التحديات. حيث قد يعاني البعض من حياة الوحدة خاصة أولئك الذين أتوا بمفردهم. حتى من أتوا مع عائلاتهم يعتبرون أنفسهم وحيدين ويشعرون بالغربة لأنهم ليس مع اقربائهم واصدقائهم وكذلك لعجزهم عن تكوين صداقات جديدة. واحد من أهم الأسباب التي تؤدي للشعور بالوحدة هو صعوبة تكوين صداقات والدخول في علاقات جدية ، ويرجع ذلك لسبب وجود فجوة بين الجنسين ، بالإضافة إلى وجود فجوة أخرى بين المولودين في السويد والمولدين خارجها. وإذا ما تحدثنا عن عن هذه الفجوة نجد ان نسبة الارتباط وتكوين الصداقات بين المولودين داخل السويد والمولودين خارجها ضئيلة جدا ، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقادمين من الشرق الأوسط. وأهم العوامل التي تقف وراء ذلك هي التصادم الثقافي بالمرتبة الاولى. لأن الاختلاف الثقافي كبير جدا. وعندما يتعلق الأمر بتكوين علاقات حميمية مع المولودين خارج السويد ، يتعامل معظم السويديين بحذر. من وجهة نظري ، ومن خلال تجارب بعض الأشخاص الذين اعرفهم ، أن هناك عدة أسباب منها عدم الاستقرار القادم الى السويد ماليا واجتماعيا واقتصاديا ، لذلك يعتبر الطرف الآخر أن هذه العلاقة قائمة على المصلحة وليس الحب الحقيقي. وأن الدافع من الارتباط هو البحث عن الاستقرار النفسي والاقتصادي والاجتماعي وليس الحب. بالاضافة إلى ذلك يأخذ السويديين بعين الاعتبار الحالات النفسية للأشخاص الذين أتوا من بيئات تعاني من حروبا ونزاعات أوضاع اقتصادية متدهورة ويعتقدون أن معظم المولودين خارج السويد يعانون من مشاكل نفسية وبالتالي يتجنبون الدخول في علاقات معهم. وكذلك الاختلافات والتصادمات الثقافية التي عادة ما تكون كبيرة ، خاصة عندما يتعلق الأمر بارتباط المرأة الشرقية بالرجل السويدي أو العكس. اولاً لان المرأة الشرقية تريد ان تعيش علاقتها ضمن إطار معين في الغالب يكون الزواج ، الأمر الذي تخطوه السويديين منذ زمن وأصبح عندهم الرابط بإسم الحب أهم من الزواج. وهذا يعتبر عائق كبير لأن معظم المولودين داخل السويد لا يقدمون على الزواج قبل معاشرة الشخص الآخر ويعرفون ما اذا كان مناسب بالنسبة لهم وما إذا كان هناك تكافئ فكري وتفهم للأخر، وناهيك على التعايش الثقافي في حال كان الشريك ينتمي لثقافة مختلفة. الشيء الآخر والذي يشكل عائق كبير هو أن معظم العائلات المسلمة تشترط التحول للإسلام في حال أراد رجل غير مسلم الزواج من امرأة مسلمة ، ولا ينطبق هذا على الرجل المسلم في حال أراد الزواج من امرأة غير مسلمة.

علاوة على ذلك ترى بعض النساء القادمات من دول مختلفة أن الرجل السويدي غير مبادر في بناء العلاقات وعادة ما يكون خجول أو يظهر اللامبالاة او عدم الاهتمام. ويرى معظم النساء القادمات إلى السويد أن الرجال السويدين يكونوا اكثر جرأة في التعامل مع النساء عندما يكونوا خارج السويد. على سبيل المثال تقول لي احدى صديقتي انها عندما كانت مع حبيبها في حفلة لوقت متاخر من الليل ،أن حبيبها تركها تعود للمنزل بمفردها ، وحتى أنه ولم يكلف نفسه عناء الاتصال بها ويتأكد من أنها وصلت بالسلامة. وذكرت أن هذا شيء لم تعهده مع رجال أخرين. وقالت اخرى ان صديقها دعاءها لاحتساء القهوة وتركها تدفع ثمن القهوة التي إحتستها. ويعد السبب الشائع الذي يجعل المرأة المولودة خارج السويد عدم الارتباط برجل سويدي. وفقا لما ذكرته لي العديد من النساء ، هو الخصوصية المالية بين الزوجين وكيف يدفع الزوجين بشكل منفصل ثمن البضائع التي يشترونها عندما يصلون الى أمين الصندوق. ويعتقدون أن هذا يدل على علاقات غير عميقة وقائمة على المصلحة. بالاضافة إلى ذلك ذكرت امرأة أن لا احد عرض عليها المساعدة عندما كانت تهم برفع حقيبة سفرها الثقيلة لوضعها في كابينة القطار العلوية . لقد تحليت بالجرأة الكافية لمناقشتي هذا الأمر مع بعض الاصدقاء السويدين ، وقال لي البعض أنهم تعرضوا للكثير من المواقف المحرجة في حال عرضوا مساعدتهم على بعض النساء لأن المرأة السويدية تريد ان تظهر دائما أنها قوية ومستقلة ولا تحتاج الرجل. حيث اذا هم أحدهم بمساعدة امرأة تحمل حقيبة ثقيلة او المبادرة بالسؤال اذا ما اذا عادت إلى البيت سالمة سيكون ردها ” لا شكرا استطيع ان افعل ذلك بنفسي.” وذكروا أن المرأة السويدية قد تغضب من محاولة اهتمام الرجل بها ومساعدتها لان هذا يظهر انها غير قوية بما فيه الكفاية وغير قادرة على الاعتناء بنفسها. ورأى قد يكون هذا سبب في الفجوة الكبيرة بين الجنسين بالسويد. وغالبا ما أرى أن فكرة لا احتاج مساعدة استطيع ان افعل ذلك بنفسي مسيطرة إلى درجة كبيرة. حتى عندما أسئل مسن أو طفل ما اذا كانوا يريدون مساعدة فيكون هذا هو جوابهم وفي بعض الأحيان قد يشعرون باستياء من السؤال لان هذا يشعرهم انهم عاجزين ولا يستطيعون الاعتناء بانفسهم.

من وجهة نظري أن الشعور بالاستقلالية والقدرة على الاعتماد على الذات شيء رائع ولكن هذا لا يمنع من طلب المساعدة من الآخرين عندما نحتاجه. حيث يقول احد الحكماء أن أشجع كلمة ممكن أن يقولها المرء هي ساعدني. ومن وجهة نظري أيضاً أن الشعور بالوحدة قد يكون مزعج ويشكل خطر على اولئك الذين يشعرون به وليس على من يعيشون بمفردهم. لأن البعض يعشون بمفردهم ولا يشعرن بالوحدة ، بل يستمتعون بقضاء الوقت مع أنفسهم ،يستمتعون بالحرية والاستقلالية التي يحظون بها. لأنهم يستطيعون كيف يشغلون أنفسهم ويعرفون كيف يخططون لحياتهم وأوقات فراغهم. أن أكثر ما يخوفه المرء هو أن يترك وحيدا ، لذلك فهو يبذل جهد لإرضاء الآخرين ، وقد يتحمل اساءتهم احياناً حتى لا يتركوه وحيدا. أما من يعيشون بمفردهم ولا يشعرون بالوحدة هم ناس اقوياء تخطوا واحدة من أكبر مخاوف البشرية. هم لا يهمهم من سيرحل ومن سيبقى ومن يهدد بالرحيل هم يستطيعون التكيف مع أنفسهم ومع وحدتهم. مستقلين بذواتهم لا يعتمدون على أحد لذلك هم لا يقعون أرضا لانهم لا يستندون على أحد.

Maha Nasser
Så här jobbar Mosaik Vxonews med journalistik. Uppgifter som publiceras ska vara korrekta och relevanta. Vi strävar efter förstahandskällor och att vara på plats där det händer. Trovärdighet och opartiskhet är centrala värden för vår nyhetsjournalistik.
Annons
Annons
Annons
Annons