Maha Nasser: الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي ، كابوس البشرية القادم

على الرغم من أن التطور التكنولوجي يساعدنا ويجعل حياتنا أسهل ، إلا أنه في الوقت نفسه يشكل تهديداً كبيرأً على حياتنا. كل شيءٍ تم ويتم اختراعه فهو سلاح ذو حدين ، فأما أن يستخدم بطريقة تفيد الإنسان أو تضره. على السبيل المثال الثورة الصناعية التي بدأت القرن الماضي وقلبت حياة الإنسان رأسا على عقب ، كانت هي ذاتها التي ساهمت في أن أوصلت العالم إلى كارثة بيئية وهي كارثة الاحتباس الحراري. وعلى الرغم من أن التطور التكنولوجي سهام في تطوير حياة الإنسان الى درجة أن أصبح كل شيء متاح للإنسان وسهل الحصول عليه بنقرة واحدة على هاتفه المحمول أو جهاز الكمبيوتر الخاص به. إلا أنه يحمل في طياته مخاطر قد تكون سببا في انقراض الجنس البشري ودمار كوكب الأرض.

نحن اليوم أمام ثورة كبيرة لتطور التكنولوجي وهي ثورة شبيهة إلى حد كبير بثورة اختراع الهواتف الذكية، وهي ثورة الذكاء الاصطناعي. حيث بإمكان الذكاء الاصطناعي أن يحدث تغييرا في كل جوانب حياتنا اليومية مثل العمل والطب والتنقل والاتصالات وغيرها. واذا اردنا التحدث عن التغيير الذي أحدثه الذكاء الاصطناعي في مجال العمل ، اليوم هناك مواقع تعمل بالذكاء الاصطناعي وتقدم خدمات كثيرة وبجودة عالية وبسرعة كبيرة. الخدمات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي كثيرة ومتنوعة إبتداءً من التصميم والبرمجة والمونتاج والكتابة والترجمة وغيرها الكثير والكثير من الخدمات. ربما يبدو هذا الخبر مفرحا للكثيرين ، بحيث أصبح من الممكن اليوم أن نستفيد من كل هذه الخدمات بشكل مجاني أو باشتراكات رمزية. ولم نعد بحاجة الى ان نطلب تلك الخدمات من مختصين و ندفع لهم مبالغ كبيرة مقابل تلك الخدمات. ولكن على الرغم من الفائدة التي من الممكن أن يجنيه الإنسان من هذه التقنية ، إلا أنها في الواقع تمثل تهديدا كبيرا لنا ولوظائفنا. لأن الذكاء الاصطناعي قادر على أن يحل محل الإنسان. قريبا جدا ستختفي الكثير من الوظائف. سوف لن يكون بمقدور مصممين الفوتوشوب ، ومطورين الأنظمة ومصممين المواقع وخبراء مونتاج الفيديوهات والمساعدون القانونيون والمترجمين والكتاب والصحفيين وموظفي الاستقبال والبائعين والندل والمحاسبين والكثير من الناس في إيجاد فرصة عمل. وهناك قلق كبير بين أصحاب هذه الوظائف من أن يخسروا وظائفهم ، ومن المتوقع أن يخسر ملايين من الناس وظائفهم. على سبيل المثال تصدر كتاب للأطفال قوائم المبيعات على موقع أمازون ، وهذا الكتاب ليس من تأليف الأنسان ولكنه من تأليف الذكاء الاصطناعي. حيث تم استخدام موقع "chatgpt" لتأليف الكتاب و موقع"Midjourney" لتصميم الشخصيات والرسومات المتضمنة في القصة وهما أداتين من أدوات الذكاء الاصطناعي تم استخدامهما لصنع قصة أطفال خلال ٣ أيام. هناك من تفاعل مع الأمر بشكل ايجابي ورأى أن هذه حدث تاريخي ، بينما انزعج آخرون ورأوا أنه كارثة تهدد مستقبل البشر. خاصة مصممي االقصص والكتاب والفنانين الذين غضبوا واعترضوا على الطريقة التي جرى بها كتابة وتصميم الكتاب. لانهم اعتبروا استخدام الذكاء الاصطناعي بهذه الطريقة ضار بأعمالهم ومجالاتهم ويفقدها قيمتها وتقديرها. بالاضافة الى ذلك ، هناك بالفعل متاجر ذاتية تابعة لبعض الشركات تعمل بشكل ذاتي و كل ما تحتاجه لتقوم بالتسوق هو تحميل تطبيق ، لتتمكن من دخول المتجر والتبضع منها. وهذا يعني أن المتاجر لن تعود بحاجة الى موظفين كابائعين وامناء الصناديق وغيره من الوظائف التي توفرها المتاجر. وليس ذلك فحسب بل هناك حاليا مطاعم رقمية في الصين ، وهذه المطاعم تعمل رقمياً بشكل كامل ، أي أن طاقم المطعم من طابخين والندل هم من الريبورتات وتم الاستغناء عن الإنسان لإنجاز هذه المهام. معظم الشركات تتجه لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الإنتاج وإنجاز المهام التي ينجزها الانسان، نظرا لأن استخدام الذكاء الاصطناعي سيوفر زيادة عالية في الإنتاج وجودة عالية بأقل وقت وأقل تكلفة.

أعتقد أن هذا الأمر يدعو للقلق ، لأن الذكاء الاصطناعي يحمل اثار سلبية وكارثية على الإنسان وعلى حقوقه. لذلك حذرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من مخاطرتطور الأجهزة الذكاء الاصطناعي على الإنسان خاصة ومن عدم القدرة على التحكم بها والسيطرة عليها. ستعم الفوضى بما في ذلك الزيف الذي سيكون عليه العالم. هذه التقنية ذات امكانية متطورة جدا يمكن استخدامها في مجالات مختلفة ، ويمكن استخدام هذا في النقيضين أما لمنفعة الناس أو الاضرار بهم. مثلما يمكن استخدامها في الطب والتعليم والصناعة وغيرها من المجالات. هناك إمكانية لاستخدامها أيضاً في عملية للاحتيال ، اختراق الحسابات البنكية وتزييف الصور والفيديوهات ، نشر معلومات مضللة ، وتقليد الأصوات والتجسس. سوف لن نكون قادرين على التمييز بين الحقيقي والمزيف ، خاصة في ما يخص الصور ومقاطع الفيديو على الانترنت. ومن المخاطر الكارثية التي قد يلحقها الذكاء الاصطناعي في الإنسان هي استخدامه في الأغراض العسكرية والحروب. حيث أن الولايات المتحدة والصين وروسيا وغيرها من الدول خصصت ميزانيات ضخمة لهذا الغرض. وترفض فرض حضر على هذه الأسلحة أو تقييد استخدامها. تطور تقنية الذكاء الاصطناعي واستخدامها في الاغراض العسكرية يعني أننا سنكون قادرين على رؤية أفلام الخيال العلمي حقيقة واقعية. أن كل ذلك التطور الذي شهدنا كان تحويل خيال الإنسان إلى حقيقة واقعية. لذلك فلن نستغرب اذا شاهدنا رجال الفضاء يسيرون في شوارعنا. وهذا يعني أن دمار كوكب الأرض بات وشيكا. لأن هناك مخاوف وتحذيرات من أمكانية خروج اجهزة الذكاء الاصطناعي من سيطرة البشر و قدرته على السيطرة على البشر. حيث تجرى اليوم الكثير من البحوث التي تدرس إمكانية ومقدرة الأجهزة والأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي على برمجة بعضها البعض و توجيه بعضها البعض وخروجها عن سيطرة الإنسان والاستقلال بذاتها.

في ظل هذا التسارع المخيف لتطور تقنية وانظمة واجهزة الذكاء الاصطناعي. يمكننا القول أننا نسير باتجاه واقع مرير. لذلك لابد من وجود شرعنة دولية واتفاقيات تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي، والسماح باستخدامه فقط في المجالات التي تخدم الإنسان. لأننا مازلنا نجهل القدرة الفعلية للذكاء الاصطناعي الفعلية ، ومالذي قد يغيره في حياتنا، وما إذا كان بإمكانه بالفعل الخروج عن سيطرة الإنسان والتحكم به.