Maha Nasser: ليلة الخميس في الشرق
ربما يثير العنوان التساؤل والإستغراب. ماذا عن الخميس في الشرق؟ هو يوم كباقي أيام الأسبوع. لكن الخميس في الشرق ليس يوما كباقي الايام. الخميس في الشرق أو المجتمع العربي يعني الكثير. مجرد ذكر اسمه فقط يحرك مشاعر الشجن والشوق عند الأحبة. وقد يثير الشعور بالحسرة عند المفارق للأحبة والوطن. لأن أسم هذا اليوم مرتبط بمعنى حميمي في أذهان العرب.
ليلة الخميس أو يوم الخميس له مكانة خاصة عند العرب منذ القدم، ارتبط أسمه في الاذهان بالحب والابتهاج والمرح والمتعة. قد يتبادر الى الذهن أن السبب في ذلك هو ضغط العمل في بقية أيام الأسبوع، والخميس هو اليوم الذي يسبق العطلة الأسبوعية والتي هي يومي الجمعة والسبت في معظم الدول الإسلامية. وبالتالي يتسنى للجميع الاستمتاع والسهر، والنوم الى وقت متأخر في اليوم التالي. ولكن أيام الاجازات الأخرى والاعياد لا تحمل نفس المكانة. خصوصية يوم الخميس لها بعد تاريخي وثقافي وديني عند العرب ، هو يوم لقاء الأحبة. حيث يفضل الكثير من العرب اقامة حفلات الزفاف والاعراس يوم الخميس ، وهذا شي مشترك في كل الدول العربية. لأنهم يعتبرون يوم الخميس يوما مبارك وله خصوصية. كما هو يوم مميز جدا وحميمي بالنسبة للمتزوجين. في يوم الخميس تعد المرأة المتزوجة نفسها جسديا وروحيا. وتعد العدة وتتهيأ الارواح والاجساد ، للقاء حميمي وكأنه لاول مرة. لذلك تعد أنواع وأصناف الطعام ، وتعج البيوت بالروائح البخورالعطرة، وتزدحم الحمامات العمومية ومحلات الكوافير والهدايا والورد وغيرها. وكما تعد المرأة نفسها لهذا اللقاء يتحضر الرجل أيضاً لهذا اللقاء لذلك تشهد صالونات الحلاقة أيضاً ازدحاماً غير مسبوق. بالاضافة الى المطاعم والفنادق والحدائق والمنتزهات وغيرها من الامكان ، بحيث يشكل هذا اليوم ذروة النشاط الاقتصادي في السوق العربي.
ما الذى يعنيه يوم الخميس فى الثقافة العربية ، هو عيد نهاية الأسبوع ، ويوم المتعة المطلقة المرتبطة بلقاء الأحبة وتقارب المتباعدين وتحقيق الأمنيات ، كل شيء فيه مبهجاً. حيث يتحملون الناس مرارة أيام الأسبوع في ضغوط العمل والدراسة وغيرها ، لكنهم ينتظرون في شوق ولهفة ذلك اليوم, ويوفرون الاموال للاحتفال والابتهاج بهذه الليلة. يتم الاحتفال بهذه الليلة في ظل اجواء خاصة في البيوت وتتزين النساء ، ويتحضر الرجال. يمكنك سماع الموسيقى تتدفق من كل بيت. قد يصطحب بعض الرجال نسائهم للعشاء في المطاعم والسهر خارج ومن ثم يعودوا إلى بيوتهم لتوجوا هذا الاحتفال بلقاء حميمي. وبالتالي الأحبة فقط من يحتفلون في هذا اليوم ، وليس جميع الناس. لذلك لطالما يثير هذا اليوم الحسرة والحزن في قلوب العزاب والمفارق للأهل والوطن. الذين ليس لديهم من يشاركهم إبتهاج هذا اليوم. كما أن هناك الكثير من القصائد الشعرية و الأغاني والأفلام السينمائية والروايات التي تجسد هذه المشاعر ومكانة وخصوصية هذا اليوم.
بالاضافة الى مكانه هذا اليوم في الثقافة العربية ، يحمل يوم الخميس قداسة دينية أيضاً في جميع الديانات. حيث يعتبر يوم الخميس يوم مبارك عند المسلمين ويستحب الصيام فيه. وفي المسيحية ايضاً ، هناك الخميس المقدّس الذي يسبق عيد الفصح، وهو جزء من الأسبوع المقدس في العالم الغربي. وفي الكنيسة الشرقية يكرّس الخميس لسانت نيكولاس والحواريين. وفي الولايات المتحدة الأمريكية يعتبر الخميس الرابع من شهر نوفمبر يوم الشكر. أما في اليهودية، فيُعد الخميس يوماً ميموناً يستحب فيه الصيام، وتقرأ في صبيحته مزامير وأسفار توراتية.
