Maha Nasser: طقوس عيد الميلاد المجيد وتقاليده في السويد
الكثير من الناس في السويد يحبون أن يرون الثلج يتساقط في عشية عيد الميلاد. بحيث يعتبر تساقط الثلج جزء من الاجواء الاحتفالية في عيد االميلاد المجيد بالسويد. وربما البعض يتفائل لرؤية سقوط الثلج عشية عيد الميلاد. كما تنير أجواء عيد الميلاد المجيد المليئة بالفرح والبهجة ليالي الشتاء المظلمة وتدفئها. ولكن ليس سقوط الثلج وحده ما يجعل هذه المناسبة مميزة ، ولكن الطقوس والعادات الاحتفالية التي تمارس في احتفال عيد الميلاد، تجعل من هذه المناسبة فريدة وتستحق ان ننتظرها ونستعد من أجلها.
تحتفل السويد بعيد الميلاد المجيد في 24 ديسمبر/كانون الأول. كما أن هذا الاحتفال هو تقليداً قديماً يعود إلى القرن 11 للميلاد، حيث كان الناس يحتفلون آن ذاك بذكرى مولد السيد المسيح بالإضافة إلى احتفالهم بمنتصف الشتاء. وهناك روايات ذكرت أن الناس كانوا يحتفلون قبل وصول المسيحية إلى السويد وكان الغرض من الاحتفال كسر وحشة ظلام الشتاء وتدفئة لياليه البارده ، وادخال البهجة والسرور لقلوب الناس. إلى أن امتزجت العادات القديمة بالطقوس التي جاءت بها الديانة المسيحية لتتشكل عادات و طقوس احتفال أعياد الميلاد التي يمارسها الناس اليوم. هناك الكثير من الطقوس والعادات نمارسها في الاعياد والمناسبات ولكن في الغالب لانعرف مصدرها ، و من أين أتت هذه الطقوس لتصبح جزأً مهماً من عاداتنا الاحتفالية. ومن العادات الجميلة والمميزة في احتفالات عيد الميلاد المجيد هي تزيين الشوارع والاسواق بزينة عيد الميلاد و إضاءة المنازل بالشموع ، وتعليق النجوم المضيئة على النوافذ ، بالاضافة الى اقتناء شجرة عيد الميلاد والتي تنصب في غرف الجلوس في كل منزل ويتم تزيينها وإنارتها بالكامل ، حيث تعلق عليها النجوم الصغيرة اللامعة ، ومختلف انواع الديكور كلاً حسب ذوقه. كما تنصب شجرة عيد الميلاد في الأماكن المهمة والحيوية في المدن ومراكز التسوق لتضفي طابعًا خاصاً وشعورا احتفاليا مميزاً. شجرة عيد الميلاد هي رمز من رموز عيد الميلاد ، وهي تقليدا مهمًا في احتفالات عيد الميلاد ، ولكن من أين جاء هذا التقليد الى السويد؟ قيل أن عادة شجرة عيد الميلاد وصلت إلى السويد من ألمانيا في القرن التاسع عشر. كما أن أول شجرة عيد ميلاد في السويد زينت بالشموع وحلويات العيد والفواكه، ثم بعد ذلك أسُتبدلت هذه الزينة بزينة خاصة بكل عائلة مصنوعة من الورق والقش. وبعد ذلك أتيحت زينة شجرة عيد الميلاد في المتاجر بالمدن السويدية الكبرى في عام 1880 ، حيث تم استيرادها من ألمانيا.
ومن العادات التي تمارس في عيد الميلاد المجيد أيضاً ، هي عادة تبادل الهدايا بين الأهلة والاحبة والاقارب والاصدقاء. في الحقيقة أحب هذه العادة كثيراً واعتبرها مميزة ، حيث أن هذه العادة تميز عيد الميلاد عن غيره من الأعياد والاحتفالات التي تقام في بلدان أخرى. ووفقًا للروايات فإن عادة تبادل الهدايا في السويد عادة قديمة عند السويدين حتى قبل الاحتفال بعيد الميلاد. حيث اعتاد المزارعون أن يهدو بعضهم البعض الكعك المعد بالمنزل والتحف والشموع المصنوعة يدوياً. وفي الحديث عن الهدايا سوف نتحدث عن رمز أخر ومهم من رموز عيد الميلاد ، وهي قصة بابا نويل ، من هو بابا نويل ولماذا يعتبر رمز وجزء مهم في طقوس أعياد الميلاد ، والذي يعرف في السويد "بتومتن"؟
تومتن هو الرجل العجوز الذي ينبغي عليه تسلق اسطح المنازل عشية عيد الميلاد ليقدم الهدايا للأطفال. بحسب الروايات أن بابا نويل هو القديس نيكولاس الذي ولد عام 270 ميلادي، في مدينة بتارا بمقاطعة أنطاليا التي كانت تابعة للجزء الآسيوي من الإمبراطورية الرومانية، لأسرة ثرية يونانية مسيحية. حيث عاش القديس نيكولاس وهو في الثامنة من عمره بملجأ للأيتام بسبب وفاة والديه بمرض الطاعون، وحينما كبر ورث عن أبويه ثروة طائلة، إلا أنه أحب حياة البساطة كثيراً. و قرر نيكولاس ان ينفق تلك الثروة على مساعدة الفقراء وكان يذهب ليلا ليوزع المال والهدايا على الفقراء دون أن يعلم الناس من الذي يساعدهم. ولكن مع مرور الوقت عرفت البلدة كلها بشخصية الرجل الذي كان يساعدهم ويمنحهم الهدايا والنقود. وأصبح مع الوقت بابا نويل رمز للخير والعطاء. ولكن بعض الكتاب ذكروا أن قصة "تومتن" السويدي تختلف عن قصة بابا نويل ، وأن "تومتن" ليس نفسه بابا نويل الشهير، وقيل أن قصة "تومتن" هي قصة سابقة للديانة المسيحية ذات أصول هولندية، وهو قزم كان يعيش في مزرعة وكان يعتني بأسرة المزارع أثناء نومها، كما أن تومتن كان كريماً ويقدم الهدايا إذا تعامل معه أهل المزرعة بشكل لطيف. كما أن يعد تومتن رمز لروح الأجداد التي تطوف حولنا وتحمينا. وذكروا أيضا أن الخلط بين بابا نويل وتومتن سببه الدمج بين العادات المحلية والأجنبية التي جعلت من تومتن ، بابا نويل.
في الحقيقة هناك الكثير من العادات والطقوس يمارسها الناس في اعياد الميلاد في السويد ، والتي لا يسعنا أن نذكرها جميعا في هذا المقال ، كما أن معظم هذه العادات لا تختلف كثير عن عادات وطقوس أعياد الميلاد في بلدان أخرى في العالم. الجدير بالذكر، أن الاحتفال بعيد الميلاد المجيد وعلى الرغم من أن الاحتفال بعيد الميلاد المجيد يعد مناسبة دينية في الأساس وهو الاحتفال بذكرى مولد السيد المسيح ، إلا أن الاحتفال بعيد الميلاد المجيد أصبح تقليدا اجتماعيًا أكثر من كونه مناسبة دينية.