Annons
  1. Svenska
  2. العربية

Maha Nasser: ظلمة الشتاء وعوتنا للحياة مع قدوم كل ربيع

Maha Nasser
Växjö • Publicerad 3 april 2024
Detta är en personligt skriven text i Mosaik Vxonews. Åsikter som uttrycks är skribentens egna.
Maha Nasser.Foto: Privat

وها نحن الآن نودع موسم رحل وموسم أتى ، نودع صقيع الشتاء ونرحب بدفء الشمس. نرحب بقدوم الربيع موسم التحول ولاحتفال، والاستمتاع بجمال ولادة الطبيعة من جديد وأياما أكثر دفئًا. ها هو دفء الربيع يبث الروح في ليالي الشتاء الطويلة الباردة ، ونور الشمس يزيح الظلام عن ايامه المظلمة. كل شيء على الأرض يتحرق شوقا لأشعة الشمس ويستعد بحماس لعودة للحياة. ولكن نحن كبشر لنا تجارب مختلفة لنتكيف مع المواسم. فعلى سبيل المثال هناك من يحب فصل الشتاء وهناك من لا يحبه ، وهناك من ينتظر قدوم الربيع بفارغ الصبر وهناك من يعتبر قدومه شيئا عاديا.

عندما يحل الشتاء تقصر الأيام وتنخفض درجات الحرارة ويحل السكون والهدوء في كل مكان حولنا. كل شئ يبدو ساكن ومتجمد. ورغم ذلك هناك من يعشق هذا المنظر ويحب الشتاء. ربما البعض يحب فصل الشتاء والمغامرات التي يجلبها معه الشتاء ، بدءًا من التزلج على الجليد في البحيرات المتجمدة ، والأنشطة الأخرى التي لا يمكن للمرء ممارستها في أي فصل آخر. وربما البعض يحب الاجواء الشتوية والظلام والعزلة والفرصة التي يوفرها فصل الشتاء للاختلاء بالكتاب وفنجان القهوة. بالإضافة الى ذلك الشتاء يعني شهر ديسمبر ، الشهر الأكثر تميزا وتفردا بين شهور العام. الشهر الذي يجمع الاحباب و تمتلئ لياليه بالأنس والسمر وتكتظ أسواقه بالناس وتمتلئ اجواءه بالفرح والبهجة الذي يعيشها الناس وهم يشترون الهدايا ويحضرون للإحتفال بعيد الميلاد المجيد ويستعدون بشوق وحماس للالتقاء بالأهل والأحبة. شهر يفرح فيه الصغار والكبار ، ويدخل على النفس نوع من الطمأنينة والرضى. حتى منظر الثلج يكون جميلا في شهر ديسمبر ، خاصة عندما يعكس إضاءات اعمدة الشوارع وأنوار الزينة ويضيف سحر على العالم المحيط ، مع هذا المنظر ويعترينا احساس وكأننا نعيش في بلاد العجائب. كما أن فصل الشتاء والثلج هو جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية، للسويدين. بالنسبة للبعض فالشتاء فصل الاستراحة والقراءة والتأمل. فصل يعيد اتصالنا بالطبيعة. ولكن بالنسبة للكثيرين، قد تبدو الليالي الطويلة المظلمة والبرد القارس أمرًا شاقًا.

Annons

على سبيل المثال لقد وقعت في حب الشتاء ومنظر الثلج عندما رأيته لأول مرة ولكن مع الأسف هذا الحب لم يدم طويلا. سرعان ما أنغمست في جو الشتاء وأدركت لماذا الكثيرين يشعرون بالضيق من هذا الفصل. ولماذا الكثيرين يحبون شروق الشمس بعد غيابها. لقد كان فصل الشتاء مرهقا لي هذا العام. لقد كان يجثم على صدري لدرجة أني كنت لا أستطيع التنفس. الظلام والبرد والاجواء الشتوية جعلتني اشعر وكاني في سجن كبير لا حدود له. لا اعرف لماذا بالتحديد هذا العام شعرت بالضيق من فصل الشتاء أكثر من أي عام مضى. ربما لأنني انغمست فيه و ركزت في كل تفاصيله المملة. وربما كان ذلك بسبب معاناتي كل صباح وأنا أعافر من أجل إزالة الثلج من على سيارتي وعندما أنتهي تكون اصابعي قد تحولت الى قوالب من الايسكريم ، واستمر بعد ذلك في تدفئتهما والنفث فيهما على طول الطريق. وربما كان الظلام والعزلة والسكون وكل شيء يجلبه الشتاء. وربما كانت كل تلك الأسباب مجتمعة. كما قد يكون ذلك ، بسبب أننا نحن من نشأنا في بلدان دافئة يصعب علينا التأقلم في الأجواء الباردة ، كما أننا لا نستطيع أن نستمتع بأنشطة الشتاء كما يفعل أولئك الذين نشأوا هنا ، فهم يعرفون كيف يجعلون من الشتاء فصلا ممتعا. أتذكر أني عندما أتيت الى هنا كنت أجهل كيفية الحفاظ على جسدي دافئا. غالبا ما كنت أرتدي الملابس الغير ملائمة والأحذية الغير ملائمة. الى أن تعلمت أن الشتاء يحتاج إلى ارتداء طبقات من الملابس الدافئة التي تبقى الجسم دافئ. أحب الشتاء ومنظر الثلج فقط في شهر ديسمبر ، لأنه وكما ذكرت سابقا شهر ساحر يتفرد عن جميع أشهر العام. ولكن ما أن ننتهي من الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد والسنة الجديدة ، حتى يتحول منظر الثلج إلى منظر كئيب وممل تمام مثل الضيف الذي تطول إقامته فيمل الناس منه يتمنوا رحيله.

ولكن ها نحن الآن نستقبل شمس الربيع الدافئة بعد أن خفف الشتاء قبضته الجليدية ، وبدأت الطبيعة بالتحول إلى لوحة فنية زاهية الألوان ومليئة بالحياة. يأتي الربيع، موسم الولادة والتجديد، بعبق الورد العطرة والوانها الزاهية ودفء الشمس الذي يسري الى اجسادنا ويحسسنا بنبض الحياة وحيويتها، معلناً نهاية برد الشتاء ويوقظ جمال الطبيعة الخامل. اكما أنا سعيدة بقدوم الربيع ، حتى اني ذرفت الدموع عندما اعلنوا في الاخبار قدوم الربيع وقالوا انهم شاهدوا أسرابا من الطيور تعود الى السويد ، في ذلك الوقت احسست أن نحن ايضا نعود الى الحياة تماما مثل تلك الطيور. الربيع هو موسم البدايات الجديدة حيث يبدو وأن كل شيء يولد من جديد. فصل الإلهام وتجدد الأمل. مع ذوبان الثلج، تعود الحياة إلى مدينتنا الجميلة بمشهد من الألوان والأصوات. حيث تبدأ المساحات القاحلة بالتحول الى مساحات تنبض بالحياة مع ألوان الربيع. حان الوقت للأشجار التي كانت تقف عارية خلال أشهر الشتاء لأن تستعد لارتداء حلتها الخضراء الجميلة. إن منظر هذا المشهد الطبيعي يملأ قلوبنا بالسعادة و الدهشة، ويذكرنا بدورة التجديد التي لا نهاية لها والتي تحدد إيقاع الحياة. مع الشعور بالحرية والتحرر نعود للحياة بتفائل وحماس كبيرين. يتجدد عندنا الأمل تماما كما تجدد الأرض بحلتها الخضراء. الربيع موسم يشهد على ولادة الأرض من جديد. ونحن أيضاً تكون لنا ولادة جديدة مع قدوم كل ربيع. نتغير من داخلنا وتتغير معنا قناعات كثيرة. يجلب الربيع أيضًا معه إحساسًا متجددًا بالطاقة والحيوية. الربيع ليس موسم للاستمتاع بجمال الطبيعة ودفء الشمس وإنما وقت للإلهام والنمو والتجديد، على المستوى الشخصي والمهني والعاطفي والاجتماعي. حيث نتخلص من ظلمة وخمول الشتاء ونستقبل الإمكانيات التي لا نهاية لها. يمكنن أن نرى كيف تستفيق الأرض من سباتها البارد الطويل لتحتضن دفء الشمس، كذلك نخرج نحن أيضًا من ظلمة وبرد الشتاء بإحساس متجدد بالهدف والتصميم. يعلمنا قدوم الربيع في كل عام بعد ظلمة وبرد الشتاء أنه بغض النظر عن مدى قسوة الشتاء، هناك دائمًا وعد ببداية جديدة، و فرصة للبدء من جديد. الربيع هو رمز الشباب و الفرص المتجددة وولادة الأشياء. الربيع يوقظ فينا الأمل المتجدد تماما كما يوقظ الحيوانات ويخرجها من مكامنها ويوقظ النباتات المتجمدة التي تحاول أن تشق طريقها وتقف شامخة من جديد معلنة تمردها على الطبيعة. أن اللوحة الطبيعية التي يرسمها لنا الربيع تشعرنا بالدهشة والبهجة في داخلنا، لأننا نشهد دورة الحياة المعجزة التي تتكشف أمام أعيننا. الربيع ليس فقط متعلق باعتدال الطقس وجمال الطبيعة ولكنه يأتي ويحمل معه بشرى لأولئك الذين يتوقون إلى للأنشطة الثقافية و المهرجانات والفعاليات. لأن الربيع يولد الرغبة للإحتفال بكل شيء.

ربما أكون قد ألقيت اللوم على الشتاء أكثر مما يستحق. ولكن أعلم جيدا أن الشتاء مهما كان قاسيا وممل الا أنه يحمل رسائل عظيمة ودروس .كما أن الشتاء والربيع بمثابة تذكير مؤثر بدورة الحياة ومرونتها. أننا نستطيع أن نرى صمود الطبيعة في مواجهة الشدائد، وكيف تخرج من ظلمة الشتاء بعناد يثير الرهبة والإعجاب. مما يعطينا درس في الصبر وقوة الأمل تماما مثل تلك البراعم الرقيقة التي تتحدى الصقي المستمر، و تندفع بعد ذلك عبر الأرض الصلبة وتقف بكبرياء تنحني له الطبيعة احتراما وتقديسا. إنها شهادات على قوة الأمل والتجديد، وتذكير لنا أنه حتى في أحلك الأوقات، هناك دائمًا وعد بغد أكثر إشراقًا.

Annons
Annons
Annons
Annons