Annons
  1. Svenska
  2. Svenska

Maha Nasser: معاناة الأطفال من إزدواجية الهوية ودور الآباء في خلق توازن ثقافي لدى أبنائهم

Maha Nasser
Växjö • Publicerad 12 september 2023
Detta är en personligt skriven text i Mosaik Vxonews. Åsikter som uttrycks är skribentens egna.
Maha Nasser.
Maha Nasser.Foto: Privat

عندما ينتقل شخص ليعيش في مكان آخر ويواجه ثقافة جديدة وعادات وتقاليد وقيم ومعتقدات فهذا سيخلق عنده تصادم ثقافي وصراع ما بين ما يحمله من عادات وتقاليد وقيم ومعتقدات وبين ثقافة البلد الجديد وعاداته وتقاليده وقيمه ومبادئه. هذا التصادم الثقافي لا يقتصر فقط على الكبار ولكن الصغار لهم نصيبا منه وقد يكون النصيب الأوفر. لان التصادم الثقافي يخلق ازدواجية الهوية عند الصغار في الوقت التي يكون فيها الطفل في طور التعرف على نفسه وتكوين شخصيته.

إن معاناة الأطفال من التصادمات الثقافية والهويات المزدوجة كبيرة. قد يجدون الأطفال صعوبة في التنقل بين توقعات آبائهم والثقافة التي أتوا منها وثقافة المجتمع الذي يعيشون فيه. وقد يخلق ذلك عندهم مشاعر متضاربة ومتناقضة قد تؤدي بهم للعزلة والضغط من أجل التوفيق بين الثقافتين وقد يتجهوا ليكونوا فيضوين ومساكسين من أجل التغلب على كل ذلك وخلق هوية ثالثة لا تنتمي الا الطفل نفسه. كما قد تكون معاناة الأطفال ذو الهوية المزدوجة ليس بسبب التصادم الثقافي والهويتين الذي يحملونها فحسب بل ربما لأ نهم يشعرون أنهم مختلفون وغير مفهومون سواء من قبل الأهل أو المجتمع. وقد لا يدرك الآباء ما يعاني منه أطفالهم لأنهم لم يختبروا ذلك الشعور في طفولتهم ، وكذلك المجتمع والمحيطين ربما لا يعرفون ما يمر به الطفل من صراع داخلي. هناك اختلاف بين ما يتعلمه الطفل في المدرسة والمجتمع وبين ما يتلقاه في البيت. كما أن حرص الوالدين على تربية ابنائهم على الثقافة التي أتوا منها هو ما يولد ذلك الصراع. وتظهر تبعات هذا الصراع جليا في سن المراهقة ، على سبيل المثال يرغب بعض المراهقين عدم العيش مع أسرهم واعتقد ان ذلك بدافع الرغبة في الشعور بالانتماء لثقافة واحدة والرغبة في أن يكونوا مثل اقرانهم وغير مختلفين عنهم. كما تظهر على الطفل سلوكيات مظطربة ويحاول ارضاء من حوله واثارة اعجابهم لكي يشعر انه مقبول ورائع. لذلك يقومون بسلوكيات بطولية في تقليد ابطال السينما ومغني الراب أو يعمدون لأن يكون شخصيات كوميدية ويردون اضحاك الآخرين لكي يحظوا بالقبول والتقدير ، كما ويلجأن الى التدخين وتعاطي الكحول والحشيش وغيره.

Annons

ما دفعني للكتابة عن هذا هو حديث شاب في مقطع فيديوا نشر في أحد المجموعات على صفحة الفيس بوك. حيث تحدث الشاب عن معاناته منذ أن اتى إلى السويد وهو في سن ١٢ وهو الان يبلغ من العمر ٢٢ عاما. تحدث الشاب عن تجربته كطفل في مجتمع جديد وسلط الضوء على معاناته التي نتجت من انتمائه لـ ثقافتين مختلفتين. من بين أمور أخرى ذكر الشاب أنه كان دائما يشعر بالاختلاف وان من حوله كانوا ينظرون إليه أنه مختلف عنهم. ذكر الشاب انه عندما بدأ المدرسة كان لا يوجد هناك الكثير من الأطفال المهاجرين في المدرسة ، لذلك شعر بالاختلاف وقال إنه عندما كان يدخل صالات الطعام كان يشعر أن الجميع ينظر اليه ويتساءلون من يكون؟

لذلك حاول الشاب الاندماج مع الطلاب وحاول التقرب منهم من أجل ان لا يشعر أنه مختلف عنهم ويشعر بالتقبل. ”ولكن عندما نحاول الاندماج هناك شيء دائما نقابله من قبل المحيطين ، دائما ما يتهكمون بعبارة ”أنك لست سويدياً لماذا تتظاهر بذلك؟” كما يقول الشاب.

من بين الأشياء التي عان منه الشاب حسب وصفه أن أصدقائه كان يعيرونه بأمه آوب أبيه أو بالبلد الذي أتي منها. وقال أن هذا ما دفعه لوضع حدود مع اصدقائه ، لأنه لم يتقبل هو أيضاً ما كان يتعرض له وتوقف عن التقرب منهم أو محاولته في أن يصبح واحدا منهم. يقول الشاب ” أننا نعاني من نظرة الحلقة الضعيفة بالمجتمع. لذلك اخترت أن أكون الطفل المشاكس بدلا من الضعيف. من أجل أن أحصل على نظرة التقدير. لذلك كنت أقلد الممثلين ومغني الراب . واصبحت الشاب المشاغب الذي يثير الفوضى ويكسر. جربت الكحول والحشيش والدخان ، خلقت المشاكل وكنت أنا من بدأ الشجار. كل ذلك من أجل آن أبعد نظرة الضعف عني. وبنفس الوقت كان يلازمني الشعور بعدم الرضا على نفسي وعلى ما أقوم به. لقد كان هناك أكثر من شخص يعيش بداخلي في نفس اللحظة. تعودنا ان الأهل والأكبر منا سناً هم من عندهم الخبرة والتجربة وهو من يوجهونا إلى الصواب ، لكن أتينا إلى هنا فأصبح الأكبر منا لا يفهمون ماذا يحدث معنا لأنهم لم يختبروا هذا الشيء. لذلك هم لا يستوعبون ولا يفهمون ما يحدث معنا. ”

لقد أردت طرح ومناقشة معاناة الشاب ليس فقط من أجل آن يفهم الآباء و يحاولوا احتواء و تفهم أبنائهم ولكن أيضاً المجتمع بما في ذلك المعلمين في المدارس لأنهم الأكثر احتكاكاً بهذه الفئة العمرية والأكثر قدرة على مساعدتهم . إن مساعدة الطفل بخلق التوازن هي مهمة الآباء بالدرجة الأولى ومن ثم يأتي دور المدارس والمعلمين بالدرجة الثانية. اولاً يجب أن تدرك إن محاولة تربية طفلك انطلاقا من ثقافتك بصورة بحتة في الوقت الذي يعيش هو في ثقافة مختلفة قد تدمر شخصية طفل وقد تشعره بالعزلة والاختلاف وعدم الانتماء. لا تضغط على طفلك من أجل ارضاء الآخرين ، لا تجبره على التصرف بطريقة معينة او أن يلبس بطريقة معينة من أجل إرضاء الأهل والأصدقاء ومن أجل أن لا تتعرض أنت للانتقاد ، ومن أجل ان يقول عنك الناس انك خير من حافظ على ثقافته وربى ابنائه عليها. دع أطفالك يعبرون عن أنفسهم بحرية ويختارون بحرية وأن يكونوا مايردون أن يكونوا عليه ليس من أجل إرضاء ولديهم والمجتمع. لا تجبر طفلك على عمل ما هو متوقع منه ، بل دعه ان يكون ما يريد هو أن يكون عليه. أنا لا اقول هنا ان لا تعلم أولادك ولا تغرس القيم فيهم فهذا شيء مفروغا منه. ولكن دعه له حرية الاختيار فيما يريد أن يكون عليه. لقد عانينا نحن أيضا من ذلك ، لقد أنجبونا والدينا وعملوا على تربيتنا وتعليمنا بحيث نكبر ونعمل ما هو متوقع منا وما يريدون هم ان نقوم به ليس ما نريد نحن أن نكون عليه.

اولاً يجب على الاباء تثقيف أنفسهم فيما يخص تربية ابنائهم ويجب ان يعرفوا ان هناك صراعات داخلية وتحديات يواجهها الطفل وينبغي تشجيعه للحديث عنها ومحاولة معالجتها بطرق فعالة ومحاولة الاستفادة من التواصل المفتوح. حاول ان تفتح مواضيع التصادمات الثقافية والهوية المزدوجة وساعد طفلك في خلق توازن بين الثقافتين. أخلق مساحة آمنة لطفلك للتعبير عن مشاعره ، انصت له وحاول ان تفهمه وتتقمص ما يعيشه الطفل. حاول أن تخلق تواصل مع طفلك ، وفهم مشاعره ، وفر له بيئة داعمة ، استكشاف جانبي هويته وفهم ما يعانيه. من الجيد أن يتعرف الطفل على الثقافة التي آتى منها والديه وشجعه على المشاركة في الأنشطة المتعلقة الثقافتين. تستطيع المساعدة من خلال خلق التوازن عند الطفل في أخذ الايجابيات من الثقافتين. ولا مشكلة في طلب الاستشارة أو ربما العلاج إذا أصبح الأمر صعب ومعقد بالنسبة لك. هنا في السويد، تعمل العديد من الجهات والمنظمات والسلطات معًا لدعم الأطفال الذين يعانون من العزلة ويعانون من الهويات المزدوجة. تعد الخدمات الاجتماعية، وخدمات الطب النفسي للأطفال والشباب، اللجنة السويدية للأطفال والشباب والعائلات من بعض الجهات التي تقدم المساعدة. ابحث عن من يقدمون الاستشارة ودعم الصحة العقلية وبرامج التكامل الثقافي للمساعدة في تخفيف معاناة هؤلاء الأطفال.

واخيراً ، هناك شئ مهم يجب أن ينتبه لها الآباء هو أن الأطفال يشعرون بالضعف وأنهم دون مستوى أقرانهم في حال كان أحد الوالدين أو كلاهما لا يعمل ، ويعانون من ظروف اقتصادية صعبة. أو لا يستطيعان الاعتماد على نفسيهما في المجتمع و يعتمدان على أطفالهم في التواصل مع المجتمع. وهذا قد يجعل الطفل يشعر بالضعف والاختلاف. وقد يحاول الطفل التخلص بالشعور بالضعف من خلال االمشاكسه وأزعاج الآخرين. كما آن هذا قد يجعل الطفل يشعر أنه أفضل من والديه أيضا. لذلك كن قدوة حسنة لطفلك.

Annons
Annons
Annons
Annons