Annons
  1. Svenska
  2. English
  3. العربية

Maha Nasser: الحنين الى الماضي

Maha Nasser
Växjö • Publicerad 19 december 2021
Detta är en personligt skriven text i Mosaik Vxonews. Åsikter som uttrycks är skribentens egna.
Maha Nasser.
Maha Nasser.Foto: URBAN NILSSON

من المفترض أن كلما تطورنا وتقدمنا في التكنولوجيا واصبح الانسان أكثر تحضرا من ذي قبل أصبحت الحقبة الزمنية التي نعيشها هي من أفضل الحقب على الإطلاق. لكن ليس هذا مايحدث. لأننا لا نشعر بالامتنان لما نحن عليها الان ولا نعتبر أن حقبتنا التاريخية الحالية هي من أفضل الحقب. على الرغم من التقدم التكنولوجي وعلى الرغم من ان الحياة اصبحت اسهل منذ قبل. لكن هناك عدم رضى وحنين كبير الى الماضي. خاصة الى الفترة ما بعد الخمسينات حتى الالفية. ياترى ما الذي يفتقدونه الناس ليشعروا بذلك الحنين لتلك الفترة؟

إذا وقعت في يدك صورة من الماضي أو تذكرت لعبة معينة كنت تلعبها في الماضي او وجبة معينة كنت تتناولها في الماضي أو سمعت أغنية قديمة ، ربما يأخذك الحنين لتلك الفترة وتتمنى أن يعود بك الزمن الى الوراء. أن الحنين الى الماضى او ما يسميه العلماء ( النوستالجيا) هو آلية دفاعية في وجه الغربة الروحية، وهو شعور بالحنين الى الماضي المثالى والذي نستبعد منه لا شعوريا اللحظات السيئة. وهذا يعني أن الحنين الى الماضي لا يرتبط بكون ما مضى كان بالفعل مثاليا وجميلا لانه ربما يعيش المرء الان افضل ايام حياته ومع هذا يحن للماضي. ذلك الحنين يجعلنا نشعر شعورين مختلفين متناقضين في نفس الوقت ، شعور جميل لاستعادة الذكريات السعيدة وفي نفس الوقت شعور حزين على الماضي الذي لن يعود. عادة ما يكون حنين المرء إلى فترة الطفولة والشباب تحديدا لان ذلك الفترة مرتبطة بالبهجة العقلية ومرحلة تجربة الأشياء لأول مرة. بالتأكيد أننا نمر بالكثير من التجارب الصعبة في تلك المرحلة ولكن العقل يقنعك بان تلك الفترة كانت مثالية واجمل ايام العمر ، ولكنها لو عادت بالفعل سوف نكرهها. كما أننا نحن الى الماضي عندما ننتقل من مرحلة الى اخرى سوا كانت هذه المرحلة عمرية او اجتماعية او مكانية.

Annons

أن حنين الفرد الى ماضيه ظاهرة علمية وطبيعة تحدث مع جميع الناس ، بإستثناء الأشخاص الذي كان ماضيهم مظلم فهم لا يحبون أن يتذكروا منه شيء. لكننا تشهد اليوم حنين جماعي الى الماضي. حيث تسببت الحروب والتقدم التكنولوجيا موجه كبيره من الحنين الى الماضي بين كل الفئات العمرية. في البلدان التي تعاني من الحروب وتدهور الوضع الاقتصادي والأمني في الوقت الراهن، يحاول الناس الهرب من كل منغصات العيش بتذكر الماضي واستحضاره. يُعكس هذا الحنين من خلال الدراما التي تجسد فترة السبعينات والثمانينات بالتحديد. إعادة إنتاج للأغاني القديمة. بالاضافة الى نشر الصور والاغاني القديمة وتركيب مقاطع الفيديو التي تشير الى دفء الماضي وبساطته وجماله. يكثرون الناس من الحديث على الماضي ومدحه والتأسف عليه على كل منصات التواصل الاجتماعي. يحن الناس الى الالفة بين افراد العائلة الواحد وبين الجيران ، ويحنون إلى أوقات مشاهدة التلفاز مجتمعين. يحنون إلى مقتنياتهم القديمة والملابس القديمة والأغاني القديمة. يحنون إلى الأوقات التي كانوا يقضونها مجتمعين كعائلة وكأصدقاء ، حيث نسمي ذلك الزمن بالزمن الجميل ، وفنانين ذلك الزمن بفنانين الزمن الجميل. وهذا لا يقتصر فقط على الشعوب العربية ، ما ألاحظه هو أن الجميع يحنوا لتلك الفترة ويتمنوا أن تعود. أصبحنا ننظر الى الماضي على أنه البساطة والسماحة والبراءة ونعتقد أن تلك الفترة هي فترة تميز أهلها بالبساطة والتسامح والشعور بالانتماء للعائلة والشعور بالانتماء للوطن. وان الناس في تلك الفترة كانت لديها قيم ومبادئ أكثر مما هم عليه الآن. أن المعاناة الذي خلقتها الحروب تحديا خلقت الحنين للشعور بالأمان والسكينة. كما أن التقدم التكنولوجي غير المجتمعات واصبح الناس يتأثرون ببعضهم البعض وغالبا ما يتأثرون بالأشياء السلبية أكثر من الايجابية. بالإضافة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي خلقت فجوة في المجتمع. حيث اصبح الناس اليوم يعيشون في بيت واحد ولكنهم لا يرون بعضهم البعض تقريبا أو لا يتحدثون مع بعضهم البعض. على الرغم من مميزات وسائل التواصل الاجتماعي في خلق علاقات الصداقة وتقريب المسافة بين الاهل والاصدقاء الا انها نجحت في تفريقهم أيضًا. كما أن المثالية المصطنعة الذي يظهرها صانعي المحتوي خلقت نوع من الشعور بالتعاسة عند البعض ، لانهم لا يعيشون حياة مثالية على الرغم أن كل ما يظهر على وسائل التواصل الاجتماعي ليس حقيقيًا ومبالغ فيه.

أذا هل هي النوستالجيا أم أننا بالفعل خسرنا أشياء وقيم ومبادئ كانت متجسدة في الماضي أكثر من الحاضر؟ هل نحن نتخيل أن كل شيء كان جيد وان الجميع كانوا سعداء أم انهم كانوا كذلك يشعرون ببؤسها ويحنون أيضًا لفترات سابقة؟ أم أن الحروب والكوارث والتقدم التكنولوجيا جعلت هذا العالم ملئ بالزيف الى حافته؟

Annons
Annons
Annons
Annons