Maha Nasser: هل نختلف أو نتشابة في ممارسة معتقداتنا و طقوسنا الدينية؟

تختلف الطقوس والعادات والتقاليد من بلد إلى آخر ، وفي بعض الأحيان تتشارك بعض الشعوب في ممارسة بعض الاحتفالات الدينية أو الثقافية. على سبيل المثال ، تتشابه الدول الأوروبية في ثقافاتها ، على الرغم من وجود بعض الاختلافات ، تمامًا مثل البلدان العربية والإسلامية ، فإن ثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم متشابهة ، لكن بالطبع تظل هناك بعض الاختلافات. على سبيل المثال ، إذا سافر أحدهم من السويد للعيش في ألمانيا أو فرنسا ، فلن يكون التكيف صعبًا عليه ، فقد يكون هناك حاجزًا لغويًا ، ولكنه في نفس الوقت قد يجد تقارباً من حيث الثقافة وبعض العادات والتقاليد. نفس الشيء ، إذا سافر شخص ما من سوريا على سبيل المثال ، ليعيش في مصر ، فسوف يتكيف أيضًا بسرعة لأنه سيواجه نفس المجتمع ونفس الثقافة تقريبًا ، مع وجود بعض الاختلافات. لكن إذا سافر أحدهم من دولة عربية ليعيش في دولة أوروبية أو العكس ، في هذه الحالة ، سيجد مجتمعاً مختلف بشكل كلي من حيث الثقافة والعادات والتقاليد وقد يستغرق الأمر وقت أطول للتكيف مع عادات وثقافة المجتمع الجديد ، لأن الاختلافات كبيرة جدًا ، سواء كانت من ناحية اللغة و الدين و العادات والتقاليد وغيرها. ويشكل الاختلاف الديني بين الشرق والغرب أهم هذه الاختلافات وأكبرها.

إذا أردنا الحديث عن الأعياد والاحتفالات الدينية في المجتمعات الأوروبية والمجتمعات العربية والإسلامية. فسنجد أن لدى المجتمعات المسلمة مناسبتين دينيتين ، وللمجتمعات الغربية أيضًا مناسبتين دينيتين. يحتفل الأوروبيين أو البلدان ذات الغالبية المسيحية بمناسبتين دينيتين في السنة وهما عيد الفصح وعيد الميلاد المجيد. عيد الفصح أو عيد القيامة ، يُعرف بأسماء عديدة أخرى، هو أعظم الأعياد المسيحية وأكبرها، حيث يستذكر فيه قيامة المسيح بعد ثلاثة أيام من صلبه وموته كما هو مذكور في العهد الجديد، وفيه ينتهي الصوم الكبير الذي يستمر عادة أربعين يوماً؛ كما ينتهي أسبوع الآلام، ويبدأ زمن القيامة الذي يستمر أربعين يوماً حتى عيد الخمسين. ليس هناك تاريخ ثابت لعيد الفصح ، ولكن يتم الاحتفال بعيد الفصح في يوم الأحد بعد اكتمال القمر الأول بعد الاعتدال الربيعي ، والذي يصادف عادة ما بين 22 مارس الى 25 أبريل ويحتفل بالجمعة العظيمة ، التي تصادف صلب يسوع المسيح قبل عيد الفصح بيومين ، ويوم عيد الفصح ، هو يوم عطلة رسمية في السويد والكثير من البلدان. حيث تتجمع فيها العائلات معاً وتستمتع بالاطعمة التقليدية مثل البيض والرنجة ولحم الضأن. بالاضافة الى ذلك يشارك البعض في الخدمات والطقوس الدينية والأنشطة الاجتماعية الأخرى. من ضمن الطقوس الدينية التي تمارسها بعض الشعوب في عيد الفصح ، تنظيم مسيرة في طريق الآلام، يحمل فيها شخص صليبا كبيرا يمثل مسيرة آلام المسيح ، ويسير خلفه حشد كبير من المشاركين الحاملين للشموع المضاءة والمرتلين للصلوات. بالاضافة الى ذلك ، هناك ما يعرف بـ"شعلة عيد الفصح"، التي تعد من أشهر تقاليد عيد الفصح في بعض البلدان ، حيث يتقابل سكان الريف والأصدقاء والجيران في يوم االسبت قبل عيد الفصح، وفي بعض المناطق يوم الأحد أو يوم الاثنين من عيد الفصح ، للقيام بإحراق فروع الأشجار. إشعال النار يعتبر تقليد شعبي منذ القرن السادس عشر. ترمز نار عيد الفصح إلى يوم قيامة يسوع المسيح. أما المناسبة الثانية التي تحتفل بها الدول الأوربية والكثير من الدول الأخرى ذات الغالبية المسيحية ، هو عيد الميلاد المجيد وهو الاحتفال بذكرى مولد يسوع المسيح ويكون في 25 من ديسمبر /كانون الثاني. الجدير بالذكر أن هاتان المناسبتان لم تعد تمارسان في السويد والكثير من البلدان بشكل ديني بالقدر الذي أصبحت فيه تقليدا ثقافيا.

كما يحتفل المسلمون مرتين في السنة في مناسبتين دينيتين ، أولهما عيد الفطر بعد رمضان. يحتفل المسلمون بهذا العيد احتفاءاً بنهاية شهر رمضان ، ابتهاجاً بإتمام فريضة الصيام. ويعتبر عيد الفطر هو العيد الصغير ، وأهم مناسبة يحتفل به المسلمون ، أم العيد الثاني هو عيد الأضحى ، ويسمى العيد الكبير وهو أيضا مناسبة دينية يحتفل بها المسلمون. يوافق عيد الأضحى يوم 10 من ذو الحجة في التقويم الهجري عند المسلمين ، ويكون بعد انتهاء وقفة يوم عرفة ، الموقف الذي يقف فيه الحجاج المسلمون لتأدية أهم مناسك الحج، وينتهي يوم 13 ذو الحجة . يعدّ هذا العيد أيضاً ذكرى لقصة إبراهيم عليه السلام عندما رأى رؤيا أمره فيها الله بالتضحية بابنه إسماعيل ، وبعد تصديقه وابنه للرؤيا، أمره الله بعدها بذبح أضحية بدلا عن ابنه، لذلك يقوم المسلمون بالتقرب إلى الله في هذا اليوم بالتضحية بأحد الأنعام مثل (خروف ، أو بقرة ، والبعض يقدم الجمال كأضحية ) ويتم توزيع لحم الأضحية على الأقارب والفقراء. وتعتبر التضحية بالحيوانات جزء من طقوس عيد الأضحى ، ومن هنا جاءت تسمية عيد الأضحى. يحتفل المسلمين بعيد الأضحى لمدة أربعة أيام ، بينما يحتفلوا بعيد الفطر في يوم واحد فقط. هاتين المناسبتين هما دينيتين عند المسلمين ، لذلك تغلب عليهما الطقوس الدينية مثل ابتداء يوم العيد بالصلاة والتكبير ، في عيد الأضحى يقوم الناس بعقر الأضحية بعد الصلاة. كما يتزامن عيد الاضحى بتواجد الناس في مكة لأداء فريضة الحج التي تعتبر أحد أركان الاسلام وهي أكبر عبادة يؤديها المسلمين. بعد اداء الناس الطقوس الدينية في الأعياد تبدأ بعد ذلك الطقوس الاجتماعية مثل زيارة الأهل والأقارب. كما يحصل الأطفال على الهدايا والنقود والحلوى. كما يتم خبز كعك العيد و طبخ أطباق خاصة ومميزة بالعيد. يدعون الناس بعضهم البعض لتناول الطعام. كما أن لاعياد تعتبر مناسبة عائلية حيث يلتقي فيها الأهل والاقارب ، ويسافرون من مدن الى مدن أخرى او من بلدان إلى أخرى ليلتقوا بأهلهم وذويهم.

على الرغم من الاختلاف الكبير في ممارسة الطقوس الدينية والثقافية بين الشرق والغرب واختلاف معتقداتهم ، الا أن هناك أوجه تشابه لهذه المناسبات أو ما اراه أنا على أنه تشابه. من بين أمور أخرى وبغض النظر عن كون هذه المناسبات دينية إلا أنها مناسبات اجتماعية في المقام الأول. حيث أن هذه الأعياد سواء كانت في الغرب أو في الشرق فأنها تجمع الأهل والأحبة والأصدقاء على طاولة واحدة وتزيد من الروابط الأسرية. كما أن المناسبات تكون لابهاج الأطفال بالدرجة الأولى ، حيث يحرص الناس من مختلف الثقافات على أن يتلقى الأطفال النقود والهدايا ويحصلون على ملابس جديدة. بالاضافة الى ذلك الطعام والمخبوزات المميزة الخاصة بالأعياد ، حيث يتم الاحتفال بهذه المناسبات بخبز الكعك وإعداد نوع مميز من الطعام. وفي الأخير، لايهم أذا كنا نختلف في معتقداتنا وممارسات طقوسنا الدينية والثقافية وغيرها ، ولكن من المهم جداً أن نتشارك في قيمنا الانسانية.